تعريف المحسنات البديعية
المحسنات البديعية هي جزء من البلاغة وتستخدم لتحسين الكلام وجعله أكثر جمالية وتأثيرًا. يتم تقسيم المحسنات البديعية إلى نوعين رئيسيين: المحسنات اللفظية والمحسنات المعنوية. إليك تعريفها وأنواعها مع أمثلة توضيحية:
أنواعها:
1. المحسنات اللفظية:
هي المحسنات التي تعتمد على الألفاظ نفسها، أي تحسين النطق والأسلوب من خلال الجمال الصوتي والتركيبي. من أبرز أنواعها:
- الجناس: توافق كلمتين في اللفظ واختلافهما في المعنى.
- مثال: “حملت الجِدّ بالجَدِّ.”
- “الجِدّ” بمعنى العمل الجاد و”الجَدّ” بمعنى الحظ.
- مثال: “حملت الجِدّ بالجَدِّ.”
- السجع: توافق الفواصل في النثر من حيث الصوت.
- مثال: “ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع.”
- الاقتباس: استخدام جزء من نص ديني أو حكمة مشهورة في كلامٍ بليغ.
- مثال: “أقول لك، لا تقنط من رحمة الله.”
2. المحسنات المعنوية:
هي التي تعتمد على تحسين المعنى وتزيد من عمق الفكر وتجذب المتلقي للفكرة المطروحة. من أبرز أنواعها:
- الطباق: هو الجمع بين كلمتين متضادتين في المعنى.
- مثال: “الليل والنهار، السعادة والشقاء.”
- المقابلة: هي أن يذكر الشاعر أو الكاتب فكرتين متضادتين بشكل متوازٍ.
- مثال: “إذا أحسنت إلى الناس أحبوك، وإذا أسأت إليهم أبغضوك.”
- التورية: أن يكون للكلمة معنيان، أحدهما قريب والآخر بعيد، ويُقصد البعيد.
- مثال: “ولقد نظرت إليك من طرفٍ خفي.”
- المعنى القريب: النظر بالعين، المعنى البعيد: الحب أو الاهتمام.
- مثال: “ولقد نظرت إليك من طرفٍ خفي.”
الفروقات بين المحسنات البديعية:
- المحسنات اللفظية تهتم بالألفاظ والتراكيب الصوتية الجمالية وتضيف رونقًا إلى النص.
- المحسنات المعنوية تركز على تحسين المعنى وتقوية الرسالة أو الفكرة المطروحة، مما يجعل الفكرة أعمق وأكثر تأثيرًا في المستمع أو القارئ.
أمثلة عن المحسنات البديعية
أولًا: المحسنات البديعية من الشعر
- الجناس:
- قول الشاعر:
يا ليلَ الصبِّ متى غدُهُ *** أقيامُ الساعة موعدُهُ؟
- هنا “غدُه” و”موعدُه” فيهما جناس ناقص، لأن الكلمتين متشابهتان في اللفظ لكن مختلفتان في المعنى، مما يعطي الجمال الصوتي للنص.
- قول الشاعر:
- السجع:
- قول المتنبي:
الخيلُ والليلُ والبيداءُ تعرفُني *** والسيفُ والرُّمحُ والقرطاسُ والقلمُ
- هنا السجع يظهر في توافق نهاية الكلمات: “تعرفني” و”القلم”.
- قول المتنبي:
- الطباق:
- قول الشاعر:
قد كنتُ قبلَ اللقاءِ أشتاقُهُ *** فصرتُ بعدَ اللقاءِ أشتاقُهُ
- طباق بين “قبل” و”بعد”، حيث يوضح التناقض بين الزمنين.
- قول الشاعر:
- المقابلة:
- قول الشاعر:
إذا كنتَ ذا عقلٍ ولم تكُ عالما *** فأنتَ كذي رجلٍ وليسَ له نعلُ
- مقابلة بين “عقل” و”عالما”، وبين “رجل” و”نعل”، مما يعطي المعنى توازنًا وتضادًا.
- قول الشاعر:
- التورية:
- قول الشاعر:
يا لائمي في الهوى العذريِّ معذرةً *** منِّي إليكَ ولو أنصفتَ لم تَلُمِ
- هنا التورية في كلمة “معذرة”، حيث يمكن أن تُفهم على أنها تعني الاعتذار القريب، والمعنى البعيد هو التماس العذر العميق.
- قول الشاعر:
ثانيًا: المحسنات البديعية من القرآن الكريم
- الجناس:
- في قوله تعالى: “ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة.”
- “الساعة” في المرة الأولى تعني يوم القيامة، وفي المرة الثانية تعني وقتًا قصيرًا، وهذا جناس.
- في قوله تعالى: “ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة.”
- السجع:
- في قوله تعالى: “فأما اليتيم فلا تقهر * وأما السائل فلا تنهر * وأما بنعمة ربك فحدّث.”
- هنا توافق الفواصل “تقهر”، “تنهر”، و”فحدّث” يمثل السجع.
- في قوله تعالى: “فأما اليتيم فلا تقهر * وأما السائل فلا تنهر * وأما بنعمة ربك فحدّث.”
- الطباق:
- في قوله تعالى: “وتحسبهم أيقاظًا وهم رقود.”
- طباق بين “أيقاظًا” و”رقود”، حيث يتم الجمع بين المتضادين في المعنى لتوضيح القدرة الإلهية.
- في قوله تعالى: “وتحسبهم أيقاظًا وهم رقود.”
- المقابلة:
- في قوله تعالى: “فليضحكوا قليلاً وليبكوا كثيرًا.”
- مقابلة بين “ليضحكوا” و”ليبكوا”، و”قليلًا” و”كثيرًا”، مما يعزز التناقض بين السلوكين.
- في قوله تعالى: “فليضحكوا قليلاً وليبكوا كثيرًا.”
- التورية:
- في قوله تعالى: “وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار.”
- “جرحتم” هنا تحمل تورية، المعنى القريب هو الجرح بالجسد، والمعنى البعيد هو ما اقترفتم من الذنوب والمعاصي.
- في قوله تعالى: “وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار.”
الفروق:
- في الشعر، تكون المحسنات البديعية غالبًا وسيلة لإبراز الجمال الفني والتأثير العاطفي.
- في القرآن، تأتي المحسنات لتدعم المعاني الروحية والعقائدية، وتعزز التأمل في البلاغة الإلهية.