الحارث بن عباد

الحارث بن عباد هو من أحد أنبل سادات العصر القديم في قبائل العرب والذي كان معروفًا بحكمته وسلامه النفسي وقوته التي كانت تكمن في رزانة عقله و تحكمه في انفعالاته ، فمن المعروف عن الحارث بن عباد هو قدرته الكبيرة على التسامح والهدوء والحصول على السلام النفسي الكبير ، فعندما جاءت له الفرصة للثأر لمقتل ولده الوحيد لم ينتهزها بل وقام باطلاق سراح قاتل ابنه الزير سالم في وسط دهشة قبيلته ، بعدما قام بخداعه وطلب منه إعطاؤه الأمان ، ولم يكن الحارث يومًا مشجعًا على الحروب بل كان يرفضها ويفضل دائما الحلول السلمية حقنًا للدماء ، وذلك ليس لقلة قوته أو لضعف بنيان جسده وشخصيته ، ولكن الحارث تميز بقوته الهائلة و عظمة شأنه بين القبائل .
قصة الحارث بن عباد
لم تكن قصة الحارث بالهينة بل هي قصة من أكثر القصص تشويقًا والتي يمكن أن تروى من العصر الجاهلي عن الفرسان القدامى من العرب ، فكان فارس قبيلة بني بكر الحارث بن عباد ولد قيس ولد ثعلبة هو من أقوى الرجال في ذلك الوقت ، وهو من أهم الشخصيات التي كانت تدعو للسلام ، وشهد الحارث الحرب المسماة بالبسوس وكان هو من أشد معارضيها بل وأنه كان يريد الصلح بين قبيلتي تغلب وبكر ، وكذلك الصلح مع الزير سالم قببل أن يقتل ولده ، حتى أن ابنه جبير الوحيد من صلبه قد راح ضحية المناوشات والثأر إثر تلك الحروب ، وهو صاحب المقولة الشهيرة : ” لا ناقة لنا فيها ولا جمل ” وتلك المقولة الشهيرة التي تقال حتى الآن ويضرب بها الأمثال هي من أقوال الحارث عندما سألوه عن موقفه من حرب قبائل البسوس .
بجير ولد الحارث
تعمد المهلهل أو المعروف بالزير سالم قتل بجير الابن الوحيد للحارث ، وذلك بسبب الغضب والحقد الذي كان يحمله المهلهل للحارث ولم يلتفت لقول القيس مهدئًا له بألا يقتل بجيرًا اتقاء غضب الحارث وأن الحارث بعيد كل البعد عن تلك الحروب ، وعندما سمع الحارث خبر وفاة جبير انقلب سلامه النفسي إلى غضب شديد لوقت طويل قام فيه الحارث بإنشاد بعض أبيات الشعر والتي أقرت بحزنه على ولده وكذلك رغبته القوية في الثأر .
لم يكن أمام الحارث مفرًا سوى الثأر لولده لتهدئة نار الغضب التي بداخله ، وعندما حاول الوصول إلى الزير سالم فوجئ عندها برجل يتبارز معه وعندها طلب منه الأمان في مقابل أن يدله على مكان المهلهل ، وعندما أعطاه الحارث الأمان اتضح بأن ذاك هو المهلهل نفسه ولم يترك المهلهل سوى مكسور الظهر بعدها فر إلى مكان مقفر .
كم عاش الحارث بن عباد
عاش الحارث طويلا ولم يروى كم كان عمره عندما وافته المنية ، ولكن قيل أنه توفى عن عمر يناهز الأربعة والسبعين عامًا والمعروف أن الحارث توفي في العام 570 ميلادية ، ويقال أنه كان في ذلك الوقت أعمى لا يرى بسبب شدة حزنه على ولده الذي مات على يد الزير سالم ، وأنه توفي على أيدي اثنين من أصحابه أو اتباعه بدم بارد ، على الرغم من أن الحارث قد حرص دائما على عدم وجود أعداء له بل كان يدعو دائما للسلام والتسامح .
الحارث بن عباد وعنترة
عندما قابل الحارث عنترة بن شداد في إحدى أسواق عكاظ مد كل منهما يده للآخر وكان حينها الحارث تجاوز السبعين من عمره ، أما عنترة فلم يزد عن الخامسة والثلاثين ، وعندها جذب كل منهما يد الآخر حتى انتهى المطاف بانهيال قطرات الدماء من يد عنترة ، فقال الحارث مستهزئا : ” لو أنك يا عنترة عاصرت شبابي لسموك قومي عنزة وليس بعنترة أبدًا ” .
الحارث بن عباد والزير سالم
الزير سالم أو الملقب بالمهلهل كانت نهايته على يد الحارث بن عبادة ؛ حيث أن الحارث على الرغم من فقدانه لبصره غير أنه وفق في إصابة المهلهل بإصابة أدت إلى انكسار ظهره بعدما طلب الأمان عندما كان الحارث يبحث عنه طويلا بسبب أخذ الثأر منه انتقاما لولده بجير ، وقد اضطر الزير سالم للهرب فتمكن عبدان من عبيده من قتله للحصول على أمواله ، وكان الزير سالم هو من أحد أكثر الناس حقدا على الحارث وكان شديد الكره والبغض له .
شعر الحارث بن عباد
أبيات من شعر ” لهف نفسي على عدي ” :
لهف نفسي على عدي ولم أعرف عديًا إذا أمكنتني اليدان
طل من طل في الحروب ولم يطلل قتيل أباته بن ابن أبان
فارس يضرب الكتيبة بالسيف وتسمو أمامه العينان
شعر ” والحرب لا يبقى لجاحمها ” :
والحرب لا يبقى لجاحمها النخيل والمراح إلا الفتى الصبار في النجدات والفرس الوقاح