قصص كليلة ودمنة

كليلة ودمنة هو كتاب يحتوي على مجموعة قصصية للفيلسوف الهندي بيدبا ، التي ترجمها عبد الله بن المقفع بالعام 142 من الهجرة إلى اللغة العربية ، وذلك في العصر العباسي بالقرن الثاني للهجرة عن الكتاب المُسمى بالفصول الخمسة ، الذي تعود أصوله للهند طبقاً ما جاء به الباحثون وبالكتاب نحو 15 باب بهم قصص تراثية ، أتت على ألسنة الحيوانات ، ونذكر إحداها بالسطور التالية .
قصص كليلة ودمنة
قصة الاسد والثور
كان هناك رجل يعمل برعاية الأغنام والماشية ، وكان يوجد في هذه الماشية ثوران ضخمان وقويان وقرر الرجل ترك بيته وقريته ، وقام باصطحاب الأغنام والماشية معه لكي يعيشوا في قرية جديدة ، وأثناء سفرهم نزلت عليهم أمطار غزيرة حتى تحولت الأرض لبقعة طينية ممتلئة بالوحل ، قام الرجل بالتوغل في الوحل حتى غاص قدم أحد الثيران اللذان كان معه في الوحل ، وحاول الرجل بكافة الطرق أن يُخلص الثور من الوحل ولكن بدون فائدة ، فقام بترك الثور مكانه ، وترك أحد الخدم معه حتى يمكنه تخليص الثور من الوحل ، على أن يلحق بهم بعد جفاف الوحل ، ولكن الخادم لم يصبر على ذلك فقام بترك الثور ، ورجع للرجل وأخبره أن الثور مات بالوحل ، وفي الوقت نفسه كان الثور يضرب بقدميه بالوحل لكي يخرج منه ، وفي النهاية استطاع الثور أن يخرج من هذا الوحل .
وكان يوجد أعشاب كثيرة في هذه المنطقة نمت نتيجة لهطول المطر ، فذهب الثور لكي يأكل منها ، وهو يطلق صوت الخوار بقوة ، وكان بالقرب منه أحد الأسود الذي استمع للخوار ، وكان هذا الأسد كسول ، وكانت جميع الحيوانات تعلم أنه كسول ، فكانوا يخدموه ومنهم ضبع واحد .
ولما سمع الأسد صوت الثور فزع وخاف بشكل كبير ، وقام بإرسال الضبع للتعرف على مصدر الصوت ، وإخباره بما رأى وشاهد الضبع الثور وهو يأكل العشب ، وقام بالاقتراب منه عندما تأكد أنه مسالم ، وسأله كيف يمكنك الدخول بهذه الرقعة دون أن تُبلغ الملك بذلك ، وكيف يمكنك أن تصدر هذه الأصوات في وجوده .
رد عليه الثور وقال ، لم يكن لي علم بذلك سأقوم بالذهاب لملككم كي ألقي عليه التحية ، وأعتذر عن خطأي ، وفعلاً ذهب الثور لكي يفعل ذلك ، وقد حصل على إعجاب الأسد بسبب حكمته وعقله الكبير وحسن تفكيره ، وتحسنت علاقته مع الأسد وكان أفضل أصدقاؤه ، وابتعد الضبع عنه نتيجة لذلك فأحس بالغيرة من الثور ، وقام بالتفكير في الإيقاع بينهما من خلال خطة محددة .
بعد ذلك قام الضبع بالذهاب للأسد لإخباره أن الثور قد تآمر مع الحيوانات لكي يقتله ، ولكي يتأكد الملك من هذا الكلام قام بطلب الدليل من الضبع على صحة كلامه ، فقال الضبع الدليل هو عند دخولك على الثور ستجده عيناه زائغتان ، ويشعر بالقلق ولون وجهه شاحب وينظر يميناً ويساراً ، وهو الدليل على نيته لقتلك .
وذهب بسرعة للثور ليقول له أن الأسد يرغب في تناوله ، لأنه أصبح بدين جداً ، فقال له الثور وما الدليل على كلامك ، فقال له لو دخلت على الأسد ستجده مستعداً لكي يقتلك ، وهو واقف على أقدامه الأمامية ، وعندما دخل الثور وفقاً لكلام الضبع على الأسد وجده كما قال له الضبع تماما فقام بالإسراع والانقضاض على الأسد ، واستمرا في القتال حتى تمكن الأسد من قتل الثور .
كان الضبع سعيداً جداً لأنه نجح في تنفيذ خطته وقتل الثور ، ولكن جاءت معلومات بعد ذلك للأسد عن هذه الخطة ، وعلم بتدبير الضبع لهذه المكيدة التي كانت نتيجتها قتل الثور ، فقام بإعطاء أوامره للجنود بأن يقتلوا الضبع بسبب فعلته الدنيئة .