التعبير الحقيقي والمجازي

هناك نوعان من أنواع التعبير في اللغة العربية الفصحى نشأت أثناء نشأة اللغة العربية بالتأكيد ، وهما التعبير الحقيقي والتعبير المجازي ، ولكل منهما تعريفه وخصائصه والمواقف أو المواضع التي يستخدم فيها ، وهو ما سنعرضه في السطور المقبلة .
الفرق بين التعبير الحقيقي والتعبير المجازي
يتضح الفرق بين كل من التعبير الحقيقي والمجازي في البلاغة ، من خلال تعريف كل منهما ونعرضه كما يلي :
التعبير الحقيقي
يُعرَّف بأنه استخدام الألفاظ بمعانيها الحقيقية التي تدل عليها ، وهو يعبر عن الحقيقة التي تدل عليها تلك الألفاظ ، كما في قولنا : أشرقت الشمس ، فهنا صفة الإشراق مرتبطة بالشمس فعلا في الحقيقة ، وكذلك قولنا : السماء صافية ، فهنا نَصف فعلا حالة صفاء السماء في وقت محدد من اليوم .
التعبير المجازي
على العكس من التعبير الحقيقي ، فإن التعبير المجازي هو استخدام الألفاظ في غير معانيها الحقيقية التي تدل عليها ، نظرا لتوافر علاقة التشبيه أو وجود دليل يؤكد المعنى المقصود في التعبير المجازي ، أو غير ذلك من الأسباب التي تستدعي استخدامه ، والذي يطلق عليه أيضا الخيال أو التصوير أو اللون البياني في بعض الأحيان .
امثلة على الحقيقة والمجاز
من الأمثلة على التعبير الحقيقي ما يلي :
- رأيت السماء تمطر في الصباح .
- ركبت قطارًا مسرعا أول أمس .
- هذا الرجل كريم .
- ذهبت إلى الحديقة أمس الجمعة ، ورأيت النباتات مزهرة والأشجار مثمرة .
- الجو حار .
- تلك الحقيبة ثقيلة .
ومن الأمثلة على التعبير المجازي ما يلي :
- السماء تبكي على فراق الأحباب .
- هذا الجندي الأسد دافع عن وطنه ببسالة .
- صوت العصفور يعزف أجمل الألحان في أذني .
- الطير يرقص فرحا بنور الشمس .
- الكتاب أوفى صديق للإنسان .
- نهر النيل يحنو على مصر كأنه أب للمصريين .
- نسمات الربيع اللطيفة تداعب أوراق الشجر في حنان .
- تثير الورود الأمل والحب في نفوس الجميع .
تعبيرات مجازية عربية
للتعبير المجازي محبيه ومن يفضلون استخدامه بكثرة ، وبوجه خاص الكتاب والأدباء والشعراء ، ويزخر الأدب العربي بألوان من التعابير المجازية ، التي تضمنت جمل وتركيبات بديعة توصل المعنى المراد بأجمل صورة ممكنة .
تعبيرات مجازية عربية شهيرة
نذكر منها قول عنترة بن شداد ” بسيف حده يزجي المنايا ورمح صدره الحتف المميت ” .
صوّر عنترة هنا حد السيف كأنه يسوق أمامه الموت وهذا معنى غير حقيقي ، وكذلك وصف مقدمة الرمح بأنها تتضمن الموت وهذا معنى غير حقيقي أيضا ، ولكن عنترة بن شداد هنا استخدم التعبير المجازي في شعره ، ليوضح معنى محدد يقصده ، ألا وهو أن حد سيفه بلغ من القوة ما يجعله مميت لأي شخص يضربه به ، وشبّه الموت بأنه مثل الغنم التي يسوقها بسهولة سيفه ذو الحد المسنون ، وذلك لأنه أراد يدلل على أن سيفه لا يستطع أن يقف أمامه أحد ولا ينتصر عليه أو يغلبه مهما بلغ من قوة .
وهناك أيضا أشخاص عاديون يستخدمون التعبير المجازي في حديثهم اليومي ، سواء في حالات الفرح أو الحزن أو الإعجاب أو توجيه النصائح أو المدح أو الذم وغيرها من صور الأفعال الإنسانية ، ولذلك يرى الكثير من المختصين ، أن استخدام التعبير المجازي يكون بمعدل أكثر من استخدام التعبير الحقيقي في العديد من المواقف الحياتية .
التعبير المجازي في القرآن
تزخر آيات القرآن الكريم بالعديد من أساليب التعبير المجازي ، ومثال عليها قوله تعالى في الآية 103 من سورة آل عمران : ” وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ” .
فالله عز وجل في هذه الآية ، يدعو عباده المؤمنين إلى التمسك بأسبابه جميعا ومؤازرة بعضهم بعضا وعدم تفرقهم أو تشتتهم في الأرض ، ويأمرهم بالتمسك بدينه الحق الذي أمرهم به وألا يفرطوا فيه أبدا ، ويحبب إليهم الألفة بينهم والاجتماع على كلمة الحق ، وأوضحت بعض التفاسير أن المقصود بالحبل في الآية ، حبل الله المتين الذي أمر عباده المؤمنين أن يتمسكوا به دائما وأبدا ، في أصعب الظروف وأسوءها ، خاصة في وقت الشدائد والصعاب والأزمات والحروب والصراعات ، فجاء هذا التعبير المجازي من الله سبحانه وتعالى في تلك الآية ، ليؤكد تلك المعاني والأوامر الإلهية ، التي فيها سعادة وخير المؤمنين .