تاريخ الكتابة عبر العصور

تاريخ البشرية مليء بالتطورات المتلاحقة والمراحل الزمنية ، وتعلُّم الإنسان لمهارات وخبرات جديدة عليه ، وكذلك اختراعات وابتكارات واكتشافات في مجالات متنوعة ، ومن أهم ابتكارات الإنسان هي الكتابة ؛ التي تعد أحد أبرز التطورات الإنسانية عبر العصور ، والتي فتحت الباب لتسجيل تاريخ الشعوب ، وتدوين العلوم المختلفة والحضارات المتعاقبة .
تعريف الكتابة
هناك العديد من التعريفات للكتابة ، منها أنها نظام للرموز الرسومية للتعبير عن نص ما ؛ بهدف توصيل معاني معينة ، ويخلط الكثيرون ما بين مفهومي الكتابة واللغة ، وفي الواقع هما مختلفان ، فاللغة عبارة عن نظام معقد داخل العقل الإنساني ؛ يشمل مجموعة من الكلمات والتعبيرات والجمل ، أما الكتابة فهي جعل تلك اللغة بمفرداتها مرئية للعين .
متى عرف الانسان الكتابة
عرف الإنسان الكتابة منذ آلاف السنين ، وقد ثبت تاريخيا أن الكتابة وُجدت في أكثر من مكان بالعالم بشكل متزامن ، حيث رُصدت نقوش ورسومات تعود إلى العصر الحجري القديم ، وكانت أوائل أنواع الكتابة هي المسمارية والهيروغليفية ، حيث استخدمت فيهما رموز تصويرية وعلامات معقدة ، لذلك اقتصر فهمها على الكتبة فقط ، وعندما تحولت الكتابة إلى الأبجدية ، أصبحت أسهل بكثير في التعلم والاستخدام ، كونها تستخدم علامات وخطوط أبسط وأسهل من الرموز التصويرية الصعبة .
اسم مخترع الكتابة
لا يوجد مخترع وحيد للكتابة ، ولكن ثبت تاريخيا أن أول من عرفها هم المصريون القدماء ، والسومريون في بلاد الرافدين ، كان ذلك خلال عام 3500 أو 3200 قبل الميلاد ، وظهر ذلك من خلال رسومات ورموز على الصخور وداخل الكهوف ، ونقوش ورسومات وضعها الفراعنة على جدران المعابد والآثار الخاصة بهم ، والتي تشهد على تطور تلك المجتمعات في عصور ما قبل الميلاد .
تاريخ الكتابة ومراحل تطورها
بدأت الكتابة برسومات تصويرية لبعض الحيوانات أو الجمادات أو النباتات ، بإحداث شقوق على الصخور وبقايا العظام والأحجار ، وحفرها الإنسان القديم قبل آلاف السنين للإشارة إلى معانٍ محددة ، وظلت الكتابة تتطور بمرور السنين والحقب المختلفة ، حتى وصلت إلى نظام الكتابة الأبجدية .
وتطورت الرسومات التصويرية بمرور الزمن إلى خطوط وتعريجات ، وفي بعض الأحيان إلى أشكال دائرية ومنحنيات بطرق متنوعة ، حتى أصبحت الرموز الكتابية مجردة من الصور ، وهذا ما فتح الباب لكتابة كلمات لم يكن متاحا التعبير عنها بالصور المرسومة ، كالأسماء والصفات الشخصية والمفاهيم المجردة والأفعال والحروف ، وتطورت كذلك أدوات الكتابة ؛ من اختراع الورق والأحبار المختلفة ، وصولا إلى الكتابة الرقمية عبر الأجهزة اللوحية والكمبيوتر والهواتف الذكية ، وغيرها من الوسائل التكنولوجية الحديثة .
الكتابة المسمارية
ظهرت الكتابة المسمارية في مناطق مختلفة داخل الشرق الأوسط ، واستخدمتها بوجه خاص الشعوب التي كانت تتحدث اللغات السامية ؛ مثل السومريين والأكاديين والبابليين والآشوريين ، واستخدمتها كذلك بعض الشعوب التي تتحدث اللغات الهندية والأوروبية ، كما أن المصريين القدماء استخدموا الكتابة المسمارية ؛ للتواصل مع أمراء السواحل الشرقية للبحر الأبيض المتوسط ، وقد ظلت الكتابة المسمارية تستخدم آلاف السنين ، حتى حلت محلها الكتابة الأبجدية التي هي أسهل في تعلمها واستعمالها ، وظلت الكتابة المسمارية تستخدم بجانب الكتابة الأبجدية لعدة قرون .
الكتابة الهيروغليفية
هي الكتابة الخاصة بقدماء المصريين قبل آلاف السنين ، وكان استخدامها معاصرا للكتابة المسمارية ، وتعتمد الكتابة الهيروغليفية على علامات تصويرية تمثل الحروف والكلمات والأصوات ، وقد سجّلها المصريون القدماء على جدران معابدهم والمسلات والآثار الفرعونية العظيمة ، واخترعوا الكتابة على أوراق البردي ، كما أنهم استخدموا الخشب أيضا في الكتابة عليه ، وقد استخدمت الكتابة الهيروغليفية في مصر القديمة لمدة أربعة آلاف عام ، بدءًا من عام 3300 قبل الميلاد ، حتى عام 394 ميلاديا .
تاريخ الكتابة ليوهانس فريدريش
قدم الكاتب يوهانس فريدريش كتابه الشهير بعنوان ” تاريخ الكتابة ” ، الذي يتحدث فيه باستفاضة عن مراحل تطور الكتابة وتاريخها عبر العصور ، ونشأتها واستخدامها من قبل الشعوب المختلفة ، في الشرق القديم وغرب وشرق آسيا ، وكذلك الكتابة الأوروبية والأفريقية ، بالإضافة إلى الكتابة الخاصة بشعوب الشرق الأقصى ، ويُلقي فريدريش في كتابه الضوء على أشكال الكتابة المختلفة ، التصويرية والأبجدية والصوتية والرمزية ، ومراحل تطورها بمرور الأزمنة والحقبات التاريخية .