مذبحة القلعة

شهد التاريخ مجموعة من الحوادث العجيبة ، تلك التي لم تنساها الشعوب على مر العصور ، ولعل حادثة مذبحة القلعة كانت واحدة من أبرز حوادث القرن التاسع عشر ، تلك المذبحة التي راح ضحيتها ما يقرب من 500 شخص ، جميعهم من الأعيان والكبار في دولة المماليك ، اليوم سنأخذك في جولة قصيرة للتعرف على قصة مذبحة القلعة ، الفخ الأكبر الذي دبره محمد علي للقضاء على دولة المماليك إلى الأبد .
مذبحة القلعة
هي مذبحة مأسوية دوّن عنها المؤرخون في معظم كتب التاريخ القديم ، خاصةً تلك الكتب التي تتعلق بالقرن التاسع عشر وأهم أحداثه ، بدأ محمد علي باشا والي مصر في التفكير بتلك المذبحة عقب إرسال الباب العالي مرسولاً إليه ، حمل هذا المرسول رغبة الباب العالي في التخلص من الحركة الوهابية ، التي كانت في ذلك الوقت منتشرة في شبه الجزيرة العربية .
لم يكن الوالي المصري خائفاً من فشل حملته على الحركة الوهابية ، بقدر خوفه من المماليك الذين يتربصون له في مصر ، فجيش محمد علي هو الذي يحميه ، وعندما يخرج هذا الجيش للقضاء على الوهابية سيكون وحيداً في مصر ، وهذه الفرصة سينتهزها المماليك للتخلص منه .
إذ فكّر محمد علي تفكيراً ماكراً ، بأن يقوم بالتخلص من المماليك قبل أن يتخلصون هم منه ، وبالفعل قام بدعوة جميع رؤوس المماليك وأعيانهم ، في عشاء فاخر جداً بقصره ، وكانت حيلة دعوتهم إلى هذا العشاء هو تكريم الجيش ، وتوديعه قبل الذهاب إلى نجد .
بعد أن انتهى العشاء وخرجت الحملة من باب العزب ، قام الحراس فوراً بإغلاق الباب وانهال الرصاص على المماليك من كل مكان ، وهذا لم يكن متوقعاً لذا في غضون ساعات قليلة انتهت دولة المماليك في مصر إلى الأبد .
اين وقعت مذبحة القلعة
كل من قرأ عن مذبحة القلعة كان لديه شغف التعرف على كل ما يخص تلك الحادثة التاريخية ، خاصةً مكان المذبحة الذي شهد هذا الحدث العظيم ، يذكر أن الكتب التاريخية التي تعود إلى دولة محمد علي باشا ، قد أكدت أن قلعة صلاح الدين الأيوبي ، هي القلعة التي شهدت مذبحة القلعة ، أو كما يطلق عليها اسم ” مذبحة المماليك ” .
الجدير بالذكر أن بناء هذه القلعة يعود إلى ما يفوق تسعمائة عام ، وقد شهدت قلعة صلاح الدين الأيوبي مجموعة من الأحداث التاريخية الشهيرة ، وقد كانت مقراً للحكم حتى تم تأسيس سرايا عابدين .
باب العزب ومذبحة القلعة
تنفيذ خدعة مذبحة القلعة كان مدبراً من الألف إلى الياء ، من مكان التنفيذ إلى الطريقة التي تم التنفيذ بها ، وقد تم اختيار باب العزب لتنفيذ المذبحة بسبب موقعه الممتاز لتنفيذ الخطة ، حيث الطريق الصخري الوعر الذي يؤدي إليه ، ذلك الذي يصعب مهمة عودة المماليك إلى الخلف ، أو هرب أي شخص منهم أثناء المذبحة ، تلك الخطة الذكية التي كانت سبباً في القضاء على دولة المماليك في مصر إلى الأبد ، واستمرار دولة محمد علي بدون تدابير المماليك .
كتب عن مذبحة القلعة
نظراً لأهمية هذه الحادثة في التاريخ المصري وتاريخ القرن التاسع عشر بشكل عام ، تم إصدار مجموعة من الكتب التي تحدثت عن مذبحة القلعة ، أو كما يطلق عليها اسم ” مذبحة المماليك ” ، تلك الحادثة التي لم تستطيع دولة محمد علي التستر عليها ، وظلت حتى اليوم حادثة ذات بصمة في دولة محمد علي .
- تاريخ عصر المماليك : أحد أهم الكتب التاريخية التي تناولت قصة مذبحة القلعة ، بل وتاريخ دولة المماليك في مصر بشكل عام ، هذا الكتاب صدر للمؤلف عبدالرحمن الرافعي ، وكان من أكثر الكتب تداولاً ومبيعاً منذ إصداره .
- المملوك الشارد : هذا الكتاب الذي نال اهتمام كبير من قبل المهتمين بالتاريخ الحديث ، الكتاب من تأليف جرجي زيدان ، الذي قام بمجموعة من المؤلفات التاريخية .
- عصر محمد علي : هذا الكتاب كذلك من تأليف عبدالرحمن الرافعي ، يتناول كتاب عصر محمد علي مذبحة القلعة من منظور محمد علي ودولته في ذلك الوقت ، بأسلوب غني بالإبداع والتشويق .