منسا موسى

يزخر التاريخ بعدد ليس بالقليل من الأشخاص التاريخية الهامة والتي كان لها دورا هاما في التاريخ الإنساني ، منها شخصيتنا اليوم وهو الملك منسا موسى كبير زعماء قارة أفريقيا بل وأشهرها وأغنى رجل في التاريخ ، حيث قدرت ثروته ب 400 مليار دولار بالعملة الحالية ، وليس هذا فقط فقد نجح باعتلاء عرش مملكة مالي في غرب أفريقيا ، وأصبح لإنجازاته الكبيرة الشهرة الواسعة في قارة أفريقيا كلها .
قصة منسا موسى
يعد منسا موسى أشهر ملك أفريقي مسلم في التاريخ في العصور الوسطى والذي استطاع اعتلاء عرش مملكة مالي العظمى وأغنى شخصية في التاريخ عبر العصور القديمة ، بالإضافة لمهارته العسكرية ، والسياسة ، والاجتماعية الكبيرة ، حيث تبدأ قصته عندما تولى مانسا أبو بكر الثاني عرش مالي منذ عام 1303 م الذي هو في عصره تمت تسمية مدينة تمبكتو بعاصمة الذهب ، والتي كانت تقع في مكان نائي جدا ومن الصعب الوصول إليها ، كما ذكر لنا المؤرخ ريتشارد تريلو عنها وقال ( يمكن للشخص أن يصل لأي مكان ولكن يصب عليه الوصول إلى تمبكتو ) ، فالوصول إليها كان يستغرق ستة أسابيع وهذا يدل على بعد مكانها بالفعل ، ومن الأمر المثير للريبة أن هذه المدينة اختفت من على خريطة العالم في خلال القرنين 17 و 18 عندما هاجر البربر منها وهنا انفصلت تمبكتو عن العالم وأصبحت أقرب للأساطير التي كانت مليئة بها لمدة مائتي عام .
في هذه الفترة قام أبوبكر بالتنازل عن العرش لمنسا وهذا الاسم يعني في لغة الماندينكا بالإمبراطور ، وذلك من أجل أن يقوم برحلات استكشافية للمحيط الأطلسي ، ومن هنا يبدأ عهد جديد للإمبراطورية للملك منسا الذي عرف عصره بعصر الازدهار الحضاري ، والاقتصادي ، والثقافي ؛ وذلك بسبب موقعها الهام في طرق تجارة الذهب والملح بجنوب الصحراء الكبرى في قارة أفريقيا ، حيث كانت مملكة مالي هي عبارة عن منجم كبير من الذهب ، وعاش جميع سكان الإمبراطورية في ثراء ورخاء دائم ، وكانت المدينة تزخر بالكثير من المباني الجميلة والقصور الضخمة أيضا .
لقد كان منسا ينتمي لعائلة كيتا ، وكان جدهم الأكبر يدعى موسى دييجو والذي عرف وقتها بأنه كان متدين واتسم بالصلاح والتقوى حيث ذكر عنه بعض المؤرخين أنه أول من دخل الإسلام من ملوك مالي ، ولكن ذكر لنا ابن خلدون أنه ليس أول من دخل الإسلام بل أول من قام برحلة حج لمكة المكرمة ، كما بذل جهودا كبيرة في نشر الإسلام في مالي وقارة أفريقيا كلها ، وهنا فقد ورث أبناؤه وأحفاده الإسلام من بعده والدعوة الإسلامية أيضا ، وبالطبع كان من بينهم الملك منسا .
رحلة حج منسا موسى
لقد خلد التاريخ رحلة الحج التي قام بها الملك منسا موسى سنة 1324م حيث كان متخذ الطريق الصحراوي من مصر ، وكان الوفد المرافق له حوالي ستين ألف شخص منهم ألف من العبيد وخمسمائة من الجواري وألف جمل يحملون أطنان من الذهب والكثير من الهدايا أيضا ، وكان كل خادم يحمل صندوق من الذهب ، وهذه تعد ثروة ضخمة جدا تم حملها من مملكة مالي على الجمال إلى مكة المكرمة والكثير من الناس كان يرجع ذلك أنها بغرض التباهي ، ولكن هي لأغراض نبيلة وسليمة حيث كانوا يقوموا بالتصدق طوال طريقهم ، وتقديم الهدايا أيضا لكل مرحب بهم حتى وصل مكة المكرمة .
وعاد مرة أخرى لبلاده وكانت الجمال تحمل الكتب هذه المرة في طريق العودة ، بجانب الكتب فقد أحضر معه عددا وافرا من الطلبة ، والمتعلمين ، وأيضا المهندسين المهرة الذين شيدوا في دولته مالي المساجد والمكتبات والمدارس ، بجانب كل هذه الأشياء فقد كان في عصر الملك منسا موسى تم اكتشاف أمريكا عندما ذكر أحد المؤرخين أن مملكة الماندنيكا أرسلت مرتين أساطيل بحرية قد أبحرت المحيط الأطلنطي ، حتى وصلت الضفة الأخرى لأمريكا حاليا من قبل وصول كريستوفر كولمبوس هناك .
وفاة الملك منسا موسى
بعد أن شهدت مملكة مالي الكثير من الازدهار الاقتصادي والثقافي توفي منسا موسى عام 1337م وقد كان عمره وقتها 57 سنة فقط ، وتولى من بعده ابنه مانسا ماجان ثم انقسمت الإمبراطورية بين ورثته بعد ذلك ، وعم الفساد في المملكة من بعده ، وتم تقسيم المملكة لولايات صغيرة بين الورثة .