ابو الفداء

يعتبر اسم ابو الفداء من الأسماء التي تم اتخاذها في تسمية العديد من الشوارع بالكثير من الدول العربية ، وهذا الاسم يعود للملك الشهير أبو الفداء وهو من الأيوبيين ، والذي له العديد من الكتابات الرائعة التي تُرجمت للكثير من اللغات الغربية ، وقد تم إطلاق اسمه بأحد الجبال الموجودة فوق سطح القمر ، بسبب اكتشافه هذا الجبل أولاً وكتب عنه في كتابه موازين ، وسنعرض بالسطور التالية بعض المعلومات عن هذا الرجل العظيم .
اسم ابو الفداء الحقيقي
هو ملك مدينة حماة بسوريا ، واسمه الكامل إسماعيل بن علي بن محمود بن أيوب ، وشهرته أبو الفدا ، وكان ممن اشتهروا بالعلم الواسع نتيجة لقراءته في مجالات الجغرافيا والتاريخ ، وفي أصول وعلوم الدين ، وفي الأدب ، وكذلك في مجالات الطب ، والفلسفة .
تاريخ ابو الفداء
ينتمي أبو الفداء للسلالة الأيوبية ، وكانوا يدعونه وهو صغير بأبو الفدا وبعماد الدين ، وقد نشأ بمدينة حماة السورية ، حيث تعلم ودرس وانطلق للثقافة والمعرفة ، وتدرب على الفنون القتالية ورياضة الفروسية ، وتعلم القنص وحفظ القرآن الكريم بوقت مبكر ، وانشغل بالكتب التراثية ونبغ في العديد من العلوم ، واهتم بجمعها وقد ذهب إلى مصر وقام بالتواصل مع الملك الناصر من المماليك ، فقربه إليه وأعطاه ملكاً خاصاً في حماة ولا يمكن لأحد منازعته فيها ، كما لقبه بالملك وعاش بحماة واهتم بعلمائها ، وأوجد لهم الأجور وكان حسن السيرة ، كما أقام المباني المتميزة .
تمكن من استعادة مدينة حماة من خلال الصبر والشجاعة ، وأعاد إليها المملكة الأيوبية بعد ابتعادها حوالي 12 عام ، وقد اهتم بمدينة حماة وهذب من مبانيهـا ، وأنشأ الكثير أيضاً ومن أهمها جامع الدهيشة أو جامع أبو الفدا ، وهو الموجود في منطقة باب الجسر بالجهة الشمالية من نهر العاصي ، وبناه بالعام ألف وثلاثمائة وستة وعشرون ، الموافق عام سبعمائة وسبع وعشرون هجرية ، ويوجد به فسيفساء مشغولة بالصدف لها أشكال زخرفية جميلة ، والعضاضة المصنوعة من الرخام التي تتشابك في الأربع زوايا على شكل أفاعي بهيئة ضفيرة جميلة ، ولذلك تم إطلاق اسم الحيايا على الجامع من خلال العامة من الناس .
ويذكر أن أبو الفداء أمر بتشييد ضريح لنفسه بالجزء الشمالي من الجامع ، وعليه قبة ويجاورها مإذنة مثمنة الشكل ، وعندما بنى الضريح قال أنه يشعر بأنه لن يكمل الستين من عمره ، لأن جميع أهله لم يصلوا لهذا السن .
وبعد ذلك بنى الحمام والمربع والناعورة بالاتجاه الغربي من الجامع ، وقد سمى هذه الأماكن الدهيشة ، بسبب أن من ينظر لهذه الأماكن يندهش ويحتار ويأخذه الذهول لما هو موجود من جمال للمكان ككل ، وللبناء المحكم والهندسة الفريدة من نوعها والزخارف المتميزة ، فقد مرت العديد من السنوات على هذه البقايا الأثرية ، وما تبقى من الدهيشة الجامع والناعورة وانزوت الآثار الأخرى ، ولكن هذه المعالم الباقية دليل على عظمة الأمس .
وكذلك فقد أضاف أبو الفداء كتلة من البناء بشرق الجامع النوري ، لكي يجعل منه مدرسة للمذهب الشافعي ، وأطلق عليها اسم الروشن ، وكان تحته قبواً يسير به الناس ، وأنشأ هناك مبنى رائع يحمل قدر كبير من الجمال على النواعير ، وعلى ضفاف نهر العاصي .
كتب ابو الفداء
ألف العديد من الكتب نذكر منها :
- التاريخ والأدب وأصول الدين كما أنه قام بنظم الشعر ، ولكنه لم يكن شاعر كما أجاد بالموشحات .
- المختصر في أخبار البشر أو تاريخ أبي الفداء ، وقد تمت ترجمة هذا الكتاب للغة اللاتينية ، والفرنسية ، ومن ثم للإنجليزية.
- تقويم البلدان في اثنين من المجلدات وقد تمت ترجمته للفرنسية وتاريخ الدولة الخوارزمية ونوادر العلم في مجلدان أيضا .
- الكناش بالنحو والصرف .
- اليواقيت والضرب في تاريخ حلب .
بالنسبة لكتاب تقويم البلدان الذي تُرجم للكثير من اللغات ، قال عنه العالم الروسي الكبير كراتش كوفسكي أنه الكتاب الأول الذي لفت انتباه الغرب بعد كتابي القرآن الكريم وألف ليلة وليلة ، وذلك دليل على الأهمية الكبيرة لهذا الكتاب .
وفاته
كان ما جاء في تفكير أبو الفداء أنه لن يُكمل الستين من عمره صحيح ، فقد مات في العام سبعمائة واثنان وثلاثون هجرية ، الموافق للعام الف وثلاثمائة وواحد وثلاثون ميلادية ، قبل الستين من العمر ، وتم دفنه بالضريح الذي أقامه لنفسه قبلها بخمسة أعوام .